عندما صحا اللبنانيون على مفهوم الدولة: و هلق عم تحكيني بالListerine ?

كنت اتخذت القرار الحازم والحازم أن تقتصر مدونتي هذه على سندبادياتي وأسفاري واكتشافاتي وكل ما له علاقة بالFusion Culture والتي أفضل ترجمتها بالثقافة الهجينة على تسميات اخرى.

ولكن ما يحصل في لبنان، من المستحيل غضّ الطرف عنه وله علاقة بطريقة أو بأخرى بهويتنا اللبنانية وبالإنتماء والحسّ الوطني لدينا.

منذ فترة والجيش اللبناني يتعرّض لحملة أو هجوم غير مسبوقين.

فعناصره تتعرض للخطف لا بل والقتل إن لم نقل الذبح والله اعلم لما غير ذلك من فظاعات وشناعات.

أما المعتدين فقد نسبوا أنفسهم الى داعش ومنظمات إسلامية متطرّفة أخرى والله أعلم.

لماذا أقول يتعرّض للمرة الأولى، لأنه رغم كلّ الإدعاءات، فإنها المرّة الأولى التي يلتفّ فيها اللبنانيون (أو هكذا يبدو) حول المؤسسة العسكرية.

فحتى أيام أحداث نهر البارد (2007) شهدنا انقسام بين معارضي ومؤيدي لتدخل الجيش.

أما أيام الحرب الأهلية فقد تمّ تحييد الجيش أحياناً لدرجة يمكننا القول أنه وقفة وقفة المتفرج.
في أواخر الحرب، وخاصة في 88-90 أي عند الحرب الضروس بين المسيحيين أو ما عرف بحرب الإلغاء وحتى حرب التحرير (وإن كانت موجهة أساساً ضد السوريين)، كان الجيش منقسماً بمعظهمه. فالمسلمون اعتكفوا في منازلهم والمسحييون منهم باصطفافهم مع قائد الجيش آنذاك ميشال عون، ضد القوات، باتوا هم أيضاً في مكانة الميليشيا، إذ لم يعودو يمثلون الوطن واللبنانيين.

الصورة من موقع فليكر للمستخدم ربيع تحت رخصة المشاع الإبداعي

الصورة من موقع فليكر للمستخدم ربيع تحت رخصة المشاع الإبداعي

و هلمّ جرّة من أيام الحكم السوري الذي أخضع الجيش اللبناني كلياً لسلطته و أحداث أيار 2008 بين حزب الله وتيار المستقبل والإتهامات التي وجهها كلّ من الطرفين الى الجيش ،،، وغيرها من الأحداث،،،  مهما حصل، كان المتهم الأول الجيش، ناهيك عن الرفض الدولي والداخلي بتسليحه وتمكينه والمحسوبيات للإنضمام للجيش والنقص المسيحي الواضح في عداد عناصر الجيش (كما هو واضح في كلّ مؤسسات وإدارات الدولة اللبنانية)

وذلك على الرغم من اتفاق الجميع على عدم المساس بالجيش ،،، وهل هناك مساس أكثر من ذلك ؟ أنا لا أفهم !

ولكننا في لبنان بارعين في إخلاق حقائق وتصديقها أو بطمس حقائق أخرى. ما علينا

ومرّت الأيام ليستفيق اللبنانيون ذات يوم ليس ببعيد واقع جديد لم يشهدوه حتى أيام أيام الإقتتال الأخوي بين أبناء العائلة الواحدة.

عناصر لبنانية وسورية والله أعلم من أي جنسيات متطرفة أخرى تتسلّح على الحدود وتهدد وتضايق الأهالي في بادئ الأمر بحجة الردّ على تدخل حزب الله العسكري في سوريا فكان من الطبيعي إرسال الجيش للتصدّي لهذه الجماعات الإرهابية.

وها بالجيش يتحوّل لكبش محرقة لمجّرد تأدية دوره. مشاهد مقززة (أرفض نشرها على صفحتي) لجنود يختطفون ويذبحون

و الناس على مختلف طوائفهم وانتماءتهم السياسية والطائفية والطبقية يتضامنون مع المؤسسة العسكرية ويشتسيطون غضباً من عجز الدولة عن التحرّك وحماية أبنائها.

ثم جاءت قنبلة  الإعلامي السوري فيصل القاسم على قناة الجزيرة وذمه وقدحه للجيش لتثير بلبلة وتزيد من الإلتحام الوطني …

تسألونني ما علاقة كل هذه المقدمة الطويلة والجيش بالهوية وتكوين الشخصية ؟

العلاقة أنّ ما وصلنا إليه هو نتيجة عدم الإنتماء هذا والتلطّي خلف أحزاب تمثل طوائفنا وما تعنيه من بعد إيديولوجي والبحث عن الأصول عربية كانت أم لا، مسلمة كانت لا، مشرقية، فينيقية ،،،

كنت أتحدث من يومين مع إحدى صديقاتي المقربات فنتحسر على حال البلد وهي يعتيرها الغضب، خاصة أن أحد الجنود من آل حمية هو إبن قريتها. فقلت لها: يا صديقتي، كلنا مذنبون في الحالة التي وصل إليها لبنان سواء أردنا ذلك أم لا

فأنت مناصرة للقوميين ومؤيدة لحزب الله وأنا عائلتي معروفة بإنتمائها للقوات اللبنانية. وإن كنا اليوم لم نعد من المناصرين العميان، فقد كنا منذ زمن غير بعيد ننظر للجيش وكلّ مؤسسات بعين الريبة لا بل النفور. إن الحالة التي وصلنا إليها اليوم لسقوط آخر حجرة لدولة الطائف وحتى الإستقلال التي قامت عليها البلاد، فقد كشفت الستار عن هذه الكذبة. كلنا كنا فيصل القاسم في مرحلة من المراحل. كلنا كنا نسخر من الجيش في بعض الأحيان وفي عحزهم عن التصدي لأي عدوان،،، كلنا كنا نطلق عليهم ألقاب مشينة أخجل من ذكرها. كلنا كنا يوماً فيصل القاسم.

وتسألوني مجدداً لا زلنا لم نفهم: ما علاقة كلّ ذلك بفهوم الهوية والإنتماء ؟

أجيبكم : ما هي أسس تكوين الدولة بمفهومها الحديث أو Etat Nation هي أولاً مقومات مشتركة تجمع ما بين مواطنيها من تاريخ ولغة وجغرافيا وغيرها و ثانيا وهو الأهم رغبة هؤلاء الناس بالعيش سوياً تحت سفق شرعية موحّد. وكلّ ذلك مرتبط بشكلٍ كبير بالهوية!

ونحن أسسنا دولة ثم رفضنا كلّ هذه المقومات، فكان إن جمعنا شيء نكرناه. إذاً لقد ساهمت بشكلٍ أو بآخر تضعضع الهوية لدينا بنسف مفهموم الدولة واتسعت الهوة بين اللبنانيين.

وفي نفس السياق، أذكر أن معظم حدودنا البحرية والأرضية، سواء مع سوريا ومع إسرائيل غير مرسّمة.

لعلي أخلط على خطأ بين الإنتماء والهوية. ولكنهما متداخلان بشكل كبير.

صحيح أن ذاتنا الهجينة هذه غنى ولكننا نجحنا مع الأسف في تحويلها الى مأساة أوصلتنا أن نرى أبنائنا يقتلون بهجمية ونحن عاجزين أن نحرّك قيد أنمل,

و كما تقول دعاية اللثة الشهيرة: و هلق عم تحكيني بالListerine ?

و تصبحون على وطن أحبائي

Leave a Reply

Your email address will not be published.